القصيدة السوداء

كم غيرني الفراق يا حبيبتي
كم غير طبيعتي
وغير رجولتي
وبعثر في داخلي الأشياء
فلا الحوار ممكن
ولا الصراخ ممكن
ولا الجنون
فنحن محبوسان في قارورة البكاء
فقد كسرني البعاد يا حبيبتي
ولخبط خرائط الوجدان
وحطم بوصلة القلب
فلا زرع ولا ضرع
ولا عشب ولا ماء
ولا دفء ولا حنان
قد شوهني الجفاء يا حبيبتي
والجفاء، كم يشوه الإنسان
فهل هناك فرصة أخرى لكي تحبيني؟
وليس في عيني إلا مطر الأحزان
يا سيدتي
ما عدت بعد طول البعاد أدري من أنا؟
أقط جريح؟
أم نجم ضائع؟
أم دمعة خرساء؟
أم مركب من ورق تمضغه الأنواء؟
أين ترى سنلتقي؟
وبيننا مدائن محروقة
وأمة مسحوقة
وبيننا داحس والغبراء
فهل هناك فرصة أخرى لكي تحبيني؟
من بعد ما حولني الحزن إلى أجزاء
قد سرقني السهوم من طفولتي
واغتال ابتسامتي
ومزق براءتي
واقتلع أشجاري الخضراء
فلا أنا بقيت من فصيلة الطيور
ولا أنا بقيت من فصيلة الرجال
فمن ترى يقنعني؟
أن السماء لم تزل زرقاء
وأنا في زمن التلوث الروحي
يمكن أن نظل أصدقاء
يا سيدتي
لست أنا جزيرة الأحلام
ولا أنا الرجل الذي كان على أجفانه
يستوطن الحمام
ولا أنا نافورة الماء ... وسيمفونية الرخام
يا سيدتي
قد يبس العشب على شفاهنا
وانكسر الكلام
فكيف نسترجع أيام الهوى؟
ونحن مدفونان تحت الوحل والركام
يا سيدتي
أنا الذي غير الذي تعرفين
ذاكرتي مثقوبة
فلا التواريخ على جدرانها باقية
ولا العناوين ... ولا الوجوه ... ولا الأسماء
أين ترى نذهب يا حبيبتي؟
وما هناك بوصة واحدة نملكها
في عالم الأرض
ولا في السماء
وما الذي نفعل في بلاد؟
يصطف فيها الناس بالطابور
كي يستنشقوا الهواء
يا سيدتي
لكم أنا أشعر بالإحباط
والدوار، والإعياء
فلا تؤاخذيني على كآبتي
إذا قرأت هذه القصيدة السوداء

وحيد

شكرا على المرور

شكرا على المرور