تقع مدينة تازة بالممر الذي يصل المغرب الشرقي بالمغرب الغربي, ويشكل هذا الموقع نقطة تحول بين حوض ملوية الشبه جاف, من جهة الشرق, وحوض إيناون الخصب, من جهة الغرب, الذي يمتد في اتجاه الحوض الأسفل لسهل سايس، كما يمكن اعتبارها منطقة وصل بين الأطلس المتوسط الشرقي الجنوبي ومقدمة الريف الشمالي. ونظرا لهذا الموقع المتميز الذي يرتفع عن سطح البحر ب 585 م فإن الهدف الأساسي وراء نشأتها, منذ القديم وإلى بداية الفترة المعاصرة, كانت وظيفة عسكرية أمنية حمائية في المقام الأول. عرفت منطقة تازة الاستقرار البشري منذ عصور قديمة, ويدل على ذلك ما عثر عليه من مخلفات بشرية, أواني فخارية, نقوش داخل المغارات, عظام, أدوات حجرية وحديدية. وفي مرحلة موالية أنشأت قبيلة مكناسة الزناتية مكناسة تازة, وأقام بها المرابطون قلعة, وفي العصر الموحدي أسس عبد المومن بن علي سورها وشيد بها المسجد الجامع الأعظم سنة 542 هـ /1147 م, واتخذت المدينة كرباط فأصبحت تعرف برباط تازا. دخل المرينيون رباط تازة سنة 614 هـ / 1217 م, حيث اتخذوها عاصمة مؤقتة نظرا لموقعها المحصن, وخصوها بمجموعة من المعالم المعمارية.وفي العصر الوطاسي كان رباط تازا عبارة عن مدينة تضم ثلاث مدارس وعدد من الحمامات والأسواق, وبعد الاضطرابات التي عرفتها المدينة أواخر العصر المريني استرجعت بعض أهميتها العسكرية, فأضيفت إليها بعض التحصينات, على غرار برج البستيون الذي شيد في عهد أحمد المنصور الذهبي, في الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة. وفي العصر العلوي كان السلطان مولاي رشيد, الذي دخلها سنة 1075 هـ / 1665 م, أول من اهتم بمدينة تازة, ويرجع ذلك إلى ما كان للزاوية الدلائية من قوة ونفوذ بعد تحكمها في المحور التجاري التقليدي فاس - سجلماسة, فاتخذها قاعدة لمحاصرة فاس والاستيلاء عليها, وقد أحدث مولاي رشيد بعض التغييرات بالمدينة, فحول ما يعرف بدار المخزن و المشور من جوار المسجد الجامع الأعظم إلى محاذاة البستيون الشهير, في الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة, وأعاد تجديد المسجد الجامع الأعظم. أما في بداية القرن العشرين فأصبحت المدينة تنقسم إلى حيين الأول في الشمال يحيط بالجامع الكبير, ويعرف ب " موالين الجامع ", والثاني بالجنوب, ويعرف " الفوقيين ", نظرا لطابعه المرتفع. وقد خضع هذا التقسيم للخصائص الطبوغرافية والطبيعية لموقع المدينة.